عزيز بودربالة: أسطورة الكرة المغربية
.jpg "عزيز بودربالة: أسطورة الكرة المغربية")
الطفولة والنشأة
عزيز بودربالة وُلد في 26 ديسمبر 1960 بمدينة الدار البيضاء، إحدى أهم المدن المغربية التي أنجبت الكثير من النجوم الكرويين. نشأ في وسط أسرة متواضعة تؤمن بالقيم المغربية الأصيلة: الاحترام، الجد، والعمل الجاد. منذ نعومة أظافره، كان شغوفًا بكرة القدم، يقضي ساعات طويلة في اللعب في الأزقة والشوارع مع أقرانه، مستخدمًا كرة مصنوعة من القماش أو البلاستيك.
أدرك والداه مبكرًا أن ابنهما يملك موهبة خاصة، فقد كان يتحكم بالكرة بمهارة استثنائية تفوق سنه، وكان يتمتع بسرعة كبيرة وقدرة على المراوغة جعلته مميزًا وسط أصدقائه. دعمه والده وأمه رغم الصعوبات المادية، وكانا حريصين على أن يواصل تعليمه إلى جانب شغفه بكرة القدم.
البدايات مع كرة القدم
بدأ عزيز مسيرته الكروية في الأحياء الشعبية، ثم التحق بفريق صغير محلي حيث أظهر موهبته الكبيرة. لم يمض وقت طويل حتى جذب أنظار الكشافين الذين كانوا يتابعون اللاعبين الواعدين في المغرب. كانت نقطة التحول الأولى عندما التحق بأكاديمية شبابية ساعدته على صقل موهبته وتطوير مستواه الفني والبدني.
أظهر في التدريبات قدرة استثنائية على اللعب في مركز الجناح الهجومي، حيث امتاز بالمراوغة السريعة، والتحكم في الكرة تحت الضغط، وتنفيذ التمريرات الدقيقة.
الانطلاقة مع الوداد البيضاوي
اح، لتحق عزيز بودربالة بفريق الوداد الرياضي البيضاوي، أحد أعرق وأكبر الأندية المغربية. مع الوداد، بدأت موهبته في البروز بشكل واضوسرعان ما أصبح لاعبًا أساسيًا في الفريق الأول رغم صغر سنه.
مع الوداد، عاش بودربالة لحظات مميزة في الدوري المغربي، حيث ساهم في تحقيق انتصارات مهمة وترك بصمة واضحة بفضل أسلوب لعبه الهجومي الممتع. كان دائمًا مصدر قلق لدفاعات الخصوم، وسرعان ما لفت الأنظار على المستوى الوطني.
الاحتراف الأوروبي وبداية التألق العالمي
بعد تألقه مع الوداد، جاءت الفرصة للانتقال إلى أوروبا، وهي الخطوة التي كانت حلمًا لأي لاعب مغربي في ذلك الوقت. لعب بودربالة في عدة أندية أوروبية، أبرزها:
-
أف سي سيون السويسري 🇨🇭: حيث قدم مستويات رائعة، وكان نجم الفريق في عدة مواسم، وحقق معهم نجاحات محلية.
-
ليون الفرنسي 🇫🇷: تجربة مهمة مكّنته من مواجهة كبار الأندية الفرنسية والتألق في الدوري الفرنسي.
-
غراسهوبر زيورخ السويسري 🇨🇭: من أبرز محطاته الأوروبية، حيث ساهم في تتويج الفريق بالبطولات وأصبح من اللاعبين المحبوبين لدى الجماهير.
خلال هذه التجارب، أثبت بودربالة أنه لاعب من طينة الكبار، ونجح في فرض اسمه بين أبرز النجوم الأفارقة الذين احترفوا في أوروبا خلال الثمانينات.
المسيرة مع المنتخب المغربي
يُعتبر بودربالة أحد أعمدة المنتخب المغربي خلال فترة الثمانينات. شارك في عدة بطولات قارية ودولية، وكانت أبرز محطاته:
-
كأس إفريقيا للأمم: مثّل المغرب في أكثر من نسخة، وساهم بأهدافه ومهاراته في تحقيق نتائج إيجابية.
-
كأس العالم 1986 بالمكسيك: كانت هذه البطولة هي الأهم في مسيرته الدولية، حيث تألق مع جيل ذهبي ضم لاعبين كبار مثل الزاكي وبصير. تمكن المنتخب المغربي من التأهل إلى الدور الثاني لأول مرة في تاريخه، وكان بودربالة أحد النجوم البارزين الذين أبهروا العالم بأدائهم.
خلال مباريات المونديال، اشتهر بودربالة بمراوغاته الساحرة التي أربكت المدافعين وأمتعت الجماهير، حتى أن الصحافة العالمية تحدثت عنه بإعجاب كبير.
أسلوب لعبه ومهاراته
ما ميز عزيز بودربالة عن غيره من اللاعبين هو الفنيات العالية التي كان يتمتع بها:
-
المراوغة السلسة والقدرة على تجاوز أكثر من لاعب.
-
السرعة والانطلاقات القوية على الأطراف.
-
التمريرات الذكية التي تفتح المساحات لزملائه.
-
الروح القتالية والانضباط داخل الملعب.
كان لاعبًا جماهيريًا بامتياز، حيث أحبته الجماهير المغربية والأوروبية على حد سواء، لما يقدمه من فرجة كروية جميلة وأداء ممتع.
إنجازاته وألقابه
حقق بودربالة عدة إنجازات على المستوى الفردي والجماعي، نذكر منها:
-
الفوز بعدة بطولات محلية مع الأندية السويسرية.
-
المساهمة في تألق المنتخب المغربي في كأس العالم 1986.
-
اختياره ضمن قائمة أفضل لاعبي إفريقيا في عدة مناسبات خلال الثمانينات.
-
حصوله على تقدير كبير من الصحافة العالمية التي صنفته واحدًا من أفضل الأجنحة في إفريقيا.
الحياة الشخصية والجانب الإنساني
بعيدًا عن كرة القدم، يُعرف عزيز بودربالة بشخصيته الهادئة والمتواضعة. رغم الشهرة الكبيرة التي حظي بها، ظل قريبًا من الناس، وشارك في عدة أنشطة اجتماعية وإنسانية لدعم الشباب في المغرب.
كان دائمًا مثالًا للاعب المحترف الذي يجمع بين النجاح الرياضي والقيم الأخلاقية. بعد اعتزاله، ظل مرتبطًا بكرة القدم، حيث ساهم في تطوير الكرة المغربية من خلال العمل في مجالات إدارية وتقنية.
إرثه في الكرة المغربية
عزيز بودربالة ليس مجرد لاعب سابق، بل أيقونة حقيقية في تاريخ كرة القدم المغربية. ترك إرثًا كبيرًا للأجيال القادمة، سواء من خلال إنجازاته مع المنتخب أو من خلال مسيرته الاحترافية الناجحة.
يُعتبر اليوم أحد الرموز التي يفتخر بها المغاربة، ونموذجًا يُحتذى به للاعبين الشباب الذين يحلمون بالوصول إلى العالمية.