recent
أخبار ساخنة

الحسين عموتة: سيرة لاعب ومدرب مغربي استثنائي

 الحسين عموتة: سيرة لاعب ومدرب مغربي استثنائي



الحسين عموتة: سيرة لاعب ومدرب مغربي استثنائي



البدايات والنشأة
الحسين عموتة وُلد يوم 24 أكتوبر 1969 في مدينة الخميسات، إحدى المدن المغربية التي تتميز بطابعها الشعبي وحيويتها الرياضية، حيث كانت كرة القدم حاضرة بقوة في أزقة المدينة وأحيائها. منذ طفولته، أبان عموتة عن شغف كبير بكرة القدم، فكان يقضي ساعات طويلة وهو يركض خلف الكرة مع أقرانه في الحي. عائلته لم تكن غنية، بل كانت متوسطة الحال، لكنها زرعت فيه حب العمل الجاد والانضباط، وهما الخصلتان اللتان سترافقانه طوال مسيرته كلاعب ثم كمدرب. والده كان حريصًا على تعليمه مبادئ الصدق والاجتهاد، ووالدته كانت الداعمة الأكبر له، إذ كانت تؤمن بموهبته وتشجعه على متابعة حلمه الكروي.


بداياته مع كرة القدم
بدأ الحسين عموتة مسيرته الكروية في أحياء الخميسات، قبل أن يتم اكتشافه من طرف مسؤولي فريق اتحاد الخميسات، الفريق الذي كان ولا يزال أحد أبرز الأندية في المنطقة. انضم إلى الفئات السنية للفريق بسرعة، وهناك أظهر موهبة لافتة كلاعب وسط مهاجم يتميز بالقدرة على قراءة اللعب وتوزيع الكرات بدقة، إضافة إلى حس تهديفي جعله مميزًا عن باقي أقرانه. خلال فترة شبابه، كان عموتة يمضي وقتًا طويلاً في التداريب، وغالبًا ما كان يُعرف بين أصدقائه بانضباطه وصرامته، وهو ما جعل المدربين يثقون فيه منذ بداياته.


المسيرة مع اتحاد الخميسات
مع الفريق الأول لاتحاد الخميسات، بدأ عموتة يبرز في البطولة المغربية كلاعب واعد. قدراته على التحكم في وسط الميدان جعلت منه عنصرًا أساسيًا رغم صغر سنه. سرعان ما لفت أنظار الأندية الوطنية الأخرى، خاصة أنه جمع بين القوة البدنية والذكاء التكتيكي والمهارة الفنية. لم يكن عموتة مجرد لاعب وسط تقليدي، بل كان صانع ألعاب قادرًا على التسجيل وصناعة الفرص، وهو ما جعله معشوق الجماهير المحلية.


الانتقال إلى الوداد الرياضي
انتقل الحسين عموتة إلى فريق الوداد الرياضي البيضاوي، وهناك بدأت مسيرته تأخذ منحى أكثر احترافية. الوداد، باعتباره أحد أكبر أندية المغرب وأفريقيا، وفّر له فضاءً للتطور والاحتكاك مع لاعبين كبار. خلال سنواته مع الوداد، بصم عموتة على مستويات رائعة، حيث ساهم في صناعة الأهداف وتسجيلها، وأصبح قطعة أساسية في تشكيلة الفريق. شخصيته القيادية ظهرت جلية، فقد كان دائمًا ما يحفّز زملاءه ويبث فيهم الحماس داخل أرضية الميدان.


الاحتراف الخارجي
لم يتوقف طموح عموتة عند حدود الدوري المغربي، بل حملته مسيرته إلى الاحتراف الخارجي، حيث لعب في الخليج العربي. كانت تجربته هناك محطة مهمة، إذ منحته فرصة لاكتشاف كرة قدم مختلفة، أكثر انفتاحًا من الناحية الاحترافية والتنظيمية. لعب لعدة أندية عربية وترك بصمة واضحة بفضل رؤيته الكروية المتميزة وقدرته على التأقلم مع مختلف المدارس التدريبية. هذه المرحلة الخارجية ساعدته على توسيع آفاقه، وأثرت لاحقًا في فكره عندما قرر دخول مجال التدريب.

المسيرة الدولية كلاعب
رغم أن مسيرة عموتة مع المنتخب المغربي لم تكن طويلة أو مليئة بالألقاب، إلا أنه حمل قميص "أسود الأطلس" في أكثر من مناسبة. تميز بقتاليته وروحه الوطنية، وكان حاضرًا في فترات عرفت منافسة شرسة على المراكز في خط الوسط. تجربة المنتخب منحته قيمة مضافة وسمحت له باكتساب ثقة أكبر في نفسه، رغم أنه لم يحقق مع المنتخب النجاحات الكبيرة التي حلم بها.

التحول إلى التدريب
بعد أن قرر اعتزال اللعب، لم يبتعد الحسين عموتة عن المستطيل الأخضر. بالعكس، اتجه نحو مجال التدريب، وكان واضحًا منذ البداية أن شخصيته القيادية ستخدمه كثيرًا في هذا المسار. بدأ مشواره التدريبي مع فرق صغيرة، قبل أن يثبت نفسه بسرعة كمدرب واعد يمتلك رؤية تكتيكية متطورة، مستفيدًا من تجربته كلاعب محترف في المغرب والخارج.

النجاح مع السد القطري
واحدة من أبرز محطات عموتة التدريبية كانت مع نادي السد القطري، حيث قاد الفريق إلى تحقيق ألقاب مهمة، أبرزها الفوز بدوري أبطال آسيا سنة 2011. هذا التتويج لم يكن عادياً، فقد وضع عموتة ضمن خانة المدربين الكبار على الساحة الآسيوية، وأثبت أن المدرب المغربي قادر على المنافسة في أعلى المستويات. طريقة إدارته للمباريات، وحسن تعامله مع النجوم، وحضوره القوي على الخطوط جعلت منه شخصية محترمة ومحبوبة في قطر.

العودة إلى المغرب والتألق مع الفتح الرباطي
بعد نجاحاته في الخليج، عاد عموتة إلى المغرب حيث تولى تدريب الفتح الرياضي الرباطي. مع هذا الفريق، واصل تأكيد كفاءته، حيث حقق إنجازات مميزة أبرزها الفوز بلقب البطولة الوطنية سنة 2016، إضافة إلى تقديم عروض قوية على المستوى القاري. شخصيته الصارمة والمنظمة انعكست إيجابًا على أداء الفريق، إذ أصبح الفتح واحدًا من أقوى الأندية المغربية خلال فترته.

العودة إلى الوداد كمدرب
في سنة 2017، عاد الحسين عموتة إلى الوداد الرياضي ولكن هذه المرة كمدرب، وهناك حقق أحد أبرز إنجازاته، حين قاد الفريق للفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا على حساب الأهلي المصري، في مباراة تاريخية بملعب محمد الخامس. هذا اللقب جعله يدخل قلوب جماهير الوداد من أوسع الأبواب، وأكد مكانته كواحد من أنجح المدربين المغاربة في تاريخ كرة القدم.

تجربته مع المنتخب المحلي
في السنوات الأخيرة، أسندت للمدرب الحسين عموتة مهمة تدريب المنتخب المغربي للمحليين، وهناك بصم على إنجاز آخر حين توج بلقب بطولة إفريقيا للاعبين المحليين (الشان) سنة 2020 بالكاميرون. هذا التتويج زاد من رصيده لدى الجماهير المغربية، وأكد أنه مدرب يعرف كيف يتعامل مع مختلف الظروف والرهانات.

شخصيته وأسلوبه التدريبي
ما يميز عموتة كمدرب هو الجمع بين الانضباط والصرامة من جهة، والمرونة التكتيكية من جهة أخرى. يؤمن بالعمل الجماعي، ويولي اهتمامًا كبيرًا بالجانب البدني والنفسي للاعبين. كما يُعرف عنه أنه قريب من لاعبيه، لكنه في نفس الوقت لا يتساهل مع التقصير. فكره الكروي يجمع بين المدرسة الأوروبية التي تركز على الانضباط التكتيكي، والمدرسة اللاتينية التي تهتم بالإبداع والمهارة.

إنجازاته وألقابه كمدرب
من بين أبرز إنجازاته: الفوز بدوري أبطال آسيا مع السد، البطولة الوطنية مع الفتح الرباطي، دوري أبطال إفريقيا مع الوداد، وكأس أمم إفريقيا للمحليين مع المنتخب المغربي. هذه الألقاب تجعل منه واحدًا من أكثر المدربين المغاربة تتويجًا على المستويين المحلي والقاري.

الحسين عموتة والكرة المغربية
إسهام عموتة لا يقتصر فقط على الألقاب، بل يتعداه إلى تأثيره على طريقة التفكير في التدريب بالمغرب. يعتبر نموذجًا للمدرب العصامي الذي بدأ من الصفر ووصل إلى القمة بفضل العمل الجاد والتكوين المستمر. وهو أيضًا مرجع للمدربين الشباب الذين يسعون إلى تطوير أنفسهم.

الحياة الشخصية
بعيدًا عن الأضواء، يُعرف الحسين عموتة بأنه إنسان متواضع، مرتبط بعائلته، ويولي أهمية كبيرة للقيم الإنسانية. لا يظهر كثيرًا في وسائل الإعلام إلا للحديث عن كرة القدم، ويحرص دائمًا على أن يكون مثالاً في الانضباط والسلوك القويم.

الإرث والتأثير
اليوم يُنظر إلى الحسين عموتة كأحد أبرز الوجوه في تاريخ كرة القدم المغربية، سواء كلاعب مميز في وسط الميدان أو كمدرب ناجح ترك بصمة في المغرب وخارجه. إرثه لا يقتصر على الألقاب، بل يمتد إلى الجيل الجديد الذي يعتبره مصدر إلهام.

الخاتمة
مسيرة الحسين عموتة هي قصة رجل شغوف بكرة القدم، بدأ من أحياء الخميسات المتواضعة ليصل إلى أعلى المستويات كلاعب ومدرب. اجتهاده وانضباطه وذكاؤه جعله نموذجًا للنجاح في الرياضة المغربية والعربية. إنه مثال على أن الطموح والعمل الدؤوب يمكن أن يصنعا الفارق ويتركا بصمة خالدة في تاريخ كرة القدم.



الحسين عموتة: طفولة في قلب المغرب

وُلِدَ الحسين عموتة في مدينة الخميسات المغربية سنة 1969، وهي مدينة متوسطة الحجم تقع وسط المغرب، وتُعَدُّ منبعًا للعديد من المواهب الكروية والرياضية. نشأ وسط أسرة مغربية محافظة بسيطة الحال، تُقدِّر العمل والجد والاجتهاد. والده كان رجلًا مكافحًا يشتغل من أجل إعالة الأسرة، بينما كانت والدته سيدة بيت عطوفة، غرست في ابنها قيم الاحترام والتواضع والجدية. هذه البيئة العائلية هي التي كوّنت شخصية الحسين عموتة منذ طفولته، حيث شبَّ على حب المسؤولية والانضباط، وهو ما انعكس فيما بعد على مسيرته الكروية سواء كلاعب أو كمدرب. منذ نعومة أظافره، أظهر ميلًا شديدًا نحو كرة القدم، فكان يقضي ساعات طويلة في أزقة وأحياء الخميسات، يركض وراء الكرة المصنوعة من القماش أو الجلد البسيط، شأنه شأن أبناء جيله.

لم يكن الحسين عموتة طفلًا عاديًا في أزقة المدينة، فقد كان يتميز بذكاء حاد ورؤية استباقية في اللعب، حيث لم يكن يكتفي بالركض وراء الكرة، بل كان يحاول قيادة زملائه، يوزع الأدوار بينهم وكأنه مدرب صغير في الملعب. هذه الروح القيادية المبكرة جعلت رفاقه يثقون به، وكانوا ينادونه بالقائد حتى قبل أن يدخل عالم الكرة بشكل رسمي. والداه كانا يدعمانه، لكن في نفس الوقت كانا حريصين على أن لا تهمله الكرة عن دراسته، لذلك عاش الحسين منذ صغره توازنًا بين التعليم وحبه لكرة القدم، الأمر الذي ساعده على بناء شخصية قوية تجمع بين الثقافة والرياضة.


الحسين عموتة: بداية المشوار الرياضي

دخل الحسين عموتة عالم الكرة بشكل أكثر تنظيمًا حين التحق بفريق اتحاد الخميسات، النادي الذي يُعَدُّ مدرسة حقيقية للمواهب المغربية. هناك بدأ يظهر كلاعب وسط ميدان يتميز بالقتالية والذكاء التكتيكي. لم يكن لاعبًا تقليديًا، بل كان يفكر في اللعب بطريقة مختلفة: يقطع الكرات، يمرر بدقة، ويُساهم في الهجوم حين تقتضي الحاجة. سرعان ما لفت الأنظار، وأصبح قطعة أساسية في الفريق الأول وهو لا يزال شابًا في مقتبل العمر. جمهور الخميسات أحبّه كثيرًا، لأنه كان يلعب بحماس كبير ويُقاتل من أجل قميص النادي.

كانت سنواته الأولى مع اتحاد الخميسات مليئة بالتحديات، فقد كان الفريق حينها يعاني من ضعف الإمكانيات المالية وقلة الموارد، لكن هذا لم يمنع عموتة من البروز كلاعب مهم، حتى بدأ اسمه يُتداول في الصحافة المحلية. تميّز بانضباطه، فلم يكن يُعرَف عنه التمرد أو السهر أو الاستهتار، بل كان لاعبًا ملتزمًا يحافظ على لياقته ويتدرّب بجدية. هذه الصفات جعلت المدربين يعاملونه باحترام خاص، وزادت من ثقة رفاقه فيه داخل الملعب.


الحسين عموتة: الانتقال إلى مستوى أعلى

مع توالي المواسم، أصبح واضحًا أن الحسين عموتة أكبر من أن يبقى محصورًا في نادي صغير مثل اتحاد الخميسات. كانت الفرق المغربية الكبرى تراقبه، إلى أن جاءته فرصة الانتقال إلى نادي الفتح الرباطي، واحد من الأندية العريقة في المغرب. في الفتح، وجد عموتة بيئة أكثر احترافية، وإمكانيات أفضل، ومدربين أكثر خبرة. هناك تطور مستواه بشكل لافت، وأصبح لاعب وسط متكامل يجمع بين القوة البدنية والرؤية التكتيكية.

مسيرته مع الفتح الرباطي كانت نقطة تحول مهمة، فقد بدأ يلفت الأنظار على المستوى الوطني، بل حتى بعض الأندية العربية بدأت تهتم به. كان الحسين طموحًا، ولم يكن يرغب أن تبقى مسيرته محصورة داخل حدود الدوري المغربي، لذلك كان دائم التفكير في الاحتراف خارج المغرب. وقد جاءت الفرصة من الخليج العربي، الذي كان آنذاك وجهة العديد من اللاعبين المغاربة.


الحسين عموتة: تجربة الاحتراف في الخليج

انتقل الحسين عموتة إلى الدوري القطري، حيث التحق بنادي السد القطري، وهناك بدأت مرحلة جديدة في حياته. في السد، عاش تجربة احترافية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سواء من حيث الانضباط أو من حيث الإمكانيات المادية والرياضية. كان لاعبًا مهمًا في الفريق، وشارك في عدة بطولات محلية وخارجية، وساهم بأدائه المميز في حصد الألقاب. تجربته في قطر صقلت شخصيته أكثر، وجعلته يتعرف على مدارس تدريبية مختلفة، كما احتك بلاعبين ومدربين من مستويات عالية.

الجمهور القطري أحب عموتة، فقد كان لاعبًا جدّيًا لا يعرف الاستهتار، وكان يحترم القميص الذي يرتديه. بفضل هذا الاحترام وهذا الالتزام، ترك سمعة طيبة كلاعب محترف داخل نادي السد، وهو ما ساعده لاحقًا عندما قرر دخول مجال التدريب في نفس البلد.


الحسين عموتة: من لاعب إلى مدرب

بعد سنوات من العطاء داخل المستطيل الأخضر، بدأ الحسين عموتة يفكر في مستقبله بعد الاعتزال. كان يؤمن أن الكرة لا تنتهي مع توقف اللعب، بل يمكن أن تستمر عبر التدريب. وهكذا قرر أن يدرس التدريب بشكل أكاديمي، وحصل على ديبلومات وشهادات معترف بها من الاتحاد الآسيوي والدولي. وهنا بدأت مرحلة جديدة في حياته: الانتقال من لاعب وسط الميدان إلى مدرب يقود الفرق من دكة البدلاء.

أول تجاربه التدريبية كانت في قطر، حيث درّب نادي السد في فترات مختلفة، سواء كمساعد أو كمدرب أول. سرعان ما أبان عن كفاءة عالية، خصوصًا في الجانب التكتيكي، حيث كان يقرأ المباريات بذكاء، ويُجيد التعامل مع اللاعبين. حصل مع السد على عدة ألقاب، من بينها دوري أبطال آسيا، وهو إنجاز تاريخي جعله واحدًا من أبرز المدربين العرب في تلك الفترة. نجاحه مع السد فتح له الباب لتدريب أندية أخرى في الخليج مثل نادي الوكرة القطري، حيث واصل التألق.


الحسين عموتة: العودة إلى المغرب وبصمة محلية

بعد سنوات من النجاح في الخليج، عاد الحسين عموتة إلى المغرب ليخوض تجربة جديدة مع نادي الوداد البيضاوي. كانت عودته حدثًا مهمًا في الكرة المغربية، لأن الجمهور كان يتساءل: هل سينجح عموتة في نقل خبرته التدريبية إلى الدوري المغربي؟ الجواب جاء سريعًا، حيث قاد الوداد لتحقيق دوري أبطال إفريقيا سنة 2017 بعد انتصار تاريخي على الأهلي المصري في النهائي. هذا التتويج أعاد الوداد إلى منصة الأبطال الإفريقية، وأثبت أن عموتة ليس فقط مدربًا جيدًا، بل هو رجل المهام الصعبة.

إنجازه مع الوداد جعله محبوبًا بشكل كبير لدى الجماهير، حيث اعتبره الكثيرون صانع نهضة جديدة للنادي. ولم يكن غريبًا أن يحصل على إشادة الصحافة والجماهير، بل حتى اللاعبين الذين دربهم كانوا يشيدون بصرامته وعدالته. عموتة لم يكن فقط مدربًا يعتمد على التكتيك، بل كان أيضًا مديرًا نفسيًا يرفع من معنويات لاعبيه، ويمنحهم الثقة في الأوقات الصعبة.

الحسين عموتة: مدرب للمنتخبات الوطنية

لم يقتصر تأثير الحسين عموتة على الأندية فقط، بل امتد إلى المنتخبات الوطنية. فقد قاد المنتخب المغربي المحلي للتتويج بلقب بطولة إفريقيا للاعبين المحليين "الشان" سنة 2018، وهو إنجاز مهم في مسار الكرة المغربية. نجاحه مع المنتخب المحلي أبرز كفاءته كمدرب قادر على التعامل مع لاعبين من مستويات مختلفة، وصقل مواهب جديدة.

بعد ذلك، تولى مهام تدريب المنتخب الأولمبي المغربي، حيث عمل على إعداد جيل جديد من اللاعبين القادرين على تمثيل المغرب في المحافل الدولية. بصمته ظهرت بوضوح في تطوير الأداء، وزرع ثقافة الانضباط والاحترافية لدى اللاعبين الشباب.



الحسين عموتة: شخصية قيادية وفكر كروي

من يتأمل مسيرة الحسين عموتة يدرك أنه ليس مجرد مدرب عادي، بل هو قائد فكري داخل المستطيل الأخضر. يتميز بقدرة كبيرة على قراءة المباريات، واتخاذ قرارات حاسمة في الوقت المناسب. كما أنه مدرب صارم، لا يقبل الاستهتار أو قلة الانضباط، لكنه في الوقت نفسه قريب من لاعبيه، يستمع إليهم ويمنحهم الثقة. هذه التوليفة بين الصرامة والمرونة هي ما جعلت مسيرته مليئة بالنجاحات.

كما يُعَدُّ عموتة من المدربين الذين يؤمنون بالتطوير المستمر، فهو لا يتوقف عن متابعة آخر المستجدات في عالم التدريب، ويحضر الدورات والمؤتمرات الكروية. هذا الحرص على التعلم جعله دائمًا في الصفوف الأولى، وقادرًا على مجاراة المدربين العالميين.


الحسين عموتة: إرث رياضي وإنساني

اليوم، وبعد مسيرة طويلة كلاعب ومدرب، أصبح الحسين عموتة رمزًا من رموز الكرة المغربية والعربية. قصته هي قصة نجاح حقيقية، من طفل بسيط يلعب في أزقة الخميسات، إلى لاعب محترف في قطر، ثم مدرب متوج بالألقاب القارية. إرثه لا يقتصر على الكؤوس والبطولات، بل يمتد إلى الأثر الذي تركه في نفوس اللاعبين والجماهير. الكثيرون يعتبرونه قدوة في الانضباط والعمل الجاد، ورمزًا للكفاءة المغربية التي فرضت نفسها على الساحة الدولية.



الحسين عموتة: مسيرة أسطورة مغربية بين اللعب والتدريب

الطفولة والنشأة

الحسين عموتة وُلد في مدينة الخميسات سنة 1969، وسط أسرة مغربية بسيطة متشبعة بالقيم الأصيلة، حيث نشأ في بيئة محافظة تقدّر التعليم والانضباط والعمل الجاد. منذ سنواته الأولى أبان عن حب شديد لكرة القدم، فكان يقضي ساعات طويلة في شوارع وأزقة الحي الشعبي رفقة أصدقائه، يصنعون من القماش كرات بدائية، ويمارسون لعبتهم المفضلة باندفاع وحماس، وكأنهم يملكون ملاعب كبرى تحت السماء المفتوحة. هذا الشغف المبكر بكرة القدم كان هو الشرارة التي ستدفعه لاحقًا ليصبح واحدًا من أبرز الأسماء في الساحة الكروية المغربية والعربية.

في طفولته، كان عموتة يتميز بالهدوء والجدية، لكنه كان شديد التعلق بالمنافسة الرياضية، سواء في ألعاب الشارع أو في المدرسة. فقد اعتبرها وسيلته الأولى للتعبير عن ذاته، وإبراز شخصيته بين أقرانه. عائلته لم تكن ثرية، لكنها دعمت مساره بحب وتشجيع، إذ كانت الأم دائمًا تدعو له بالتوفيق، بينما كان الأب يحفّزه على مواصلة دراسته وعدم إهمال الجانب الأكاديمي.

منذ صغره كان يظهر ذكاءً حادًا، ليس فقط في الملعب وإنما أيضًا في الدراسة، حيث تمكن من الجمع بين التعليم وحب الكرة. هذا التوازن بين العقل والجسد، بين الجد والاجتهاد والموهبة، سيصبح لاحقًا سمة أساسية في شخصيته كلاعب ثم كمدرب.

البدايات الكروية

بدأ الحسين عموتة مشواره الكروي في الأحياء الشعبية للخميسات، حيث التحق بفريق اتحاد الخميسات المحلي في الفئات السنية الصغرى. هنا بدأ الحلم يأخذ شكلاً أكثر وضوحًا. لم يكن مجرد طفل يلعب الكرة، بل لاعبًا واعدًا يملك مهارة لافتة، وحسًا تكتيكيًا مختلفًا عن باقي أقرانه. كان يقرأ اللعب بطريقة مميزة، يعرف كيف يتمركز، وكيف يمرر، وكيف يصنع الفارق في وسط الميدان.

مع مرور السنوات، تمكن عموتة من فرض نفسه كلاعب أساسي في صفوف فريق اتحاد الخميسات، الذي كان يمثل بالنسبة له أكثر من مجرد نادٍ، بل كان البيت الثاني الذي صقل موهبته ومنحه الفرصة الأولى للظهور. سرعان ما أصبح الجمهور المحلي يردد اسمه، ويراهن على مستقبله، خصوصًا أنه كان يملك لياقة بدنية قوية، ومهارات فنية رفيعة، وأخلاقًا عالية جعلت منه قدوة بين زملائه.

المسيرة كلاعب محترف

لم يطل الوقت كثيرًا حتى خطف الحسين عموتة أنظار الأندية الكبرى في المغرب. وكانت محطته الأبرز مع فريق الفتح الرباطي، حيث انتقل إليه في بداية التسعينيات. هناك تألق بشكل لافت، وأصبح أحد الركائز الأساسية في خط الوسط، بفضل رؤيته للملعب وقدرته على قيادة الهجمات وبناء اللعب من الخلف.

تميز أسلوب لعبه بالتوازن، فهو لاعب وسط يجمع بين المهام الدفاعية والهجومية. كان مقاتلًا في استرجاع الكرة، وصانعًا للفرص أمام المرمى، مما جعله لاعبًا متعدد الأدوار، وقيمة حقيقية لأي مدرب يعتمد عليه.

بعد سنوات مع الفتح، شد الحسين عموتة الرحال نحو الاحتراف الخارجي، وكانت وجهته الأولى نحو الدوري القطري، حيث لعب لفريق السيلية والوكرة. هناك أثبت قيمته، وترك بصمته بفضل الأداء الراقي الذي قدّمه، وأخلاقه العالية التي أكسبته احترام الجميع. في قطر، لم يكن مجرد لاعب عابر، بل صار واحدًا من أبرز المحترفين المغاربة الذين ساهموا في تعزيز صورة اللاعب المغربي في الدوريات الخليجية.



بداية التحول من لاعب إلى مدرب

رغم نجاحه كلاعب، إلا أن عقل الحسين عموتة كان دائمًا يفكر فيما بعد مسيرته داخل المستطيل الأخضر. فقد كان يقرأ كثيرًا عن أساليب التدريب الحديثة، ويهتم بالجوانب التكتيكية أكثر مما يهتم بالشهرة. وعندما اقترب من نهاية مشواره الكروي، قرر أن يستثمر خبرته ومعرفته في مجال التدريب.

بدأ خطواته الأولى كمساعد مدرب في قطر، حيث استفاد من تجربة الاحتكاك بالمدربين الأجانب والخبراء الذين تعلم منهم الكثير. سرعان ما أظهر شخصية قيادية قوية، وقدرة على التواصل مع اللاعبين وفهم نفسياتهم.


المسيرة التدريبية الأولى

أولى محطاته التدريبية المهمة كانت في الدوري القطري مع فريق السيلية، حيث عمل كمساعد ثم كمدرب. هناك بدأ يكوّن لنفسه اسمًا كمدرب شاب يملك فكرًا مختلفًا ورؤية جديدة. اعتمد على الانضباط والعمل الجماعي، وعلى فلسفة واضحة تقوم على أن الكرة الحديثة ليست مجرد موهبة، بل علم يحتاج إلى دراسة وتخطيط.

لكن النقلة الحقيقية في مسيرته التدريبية جاءت عندما عاد إلى المغرب، وتولى تدريب فريق اتحاد الفتح الرياضي. هنا بدأ اسمه يسطع بقوة في الساحة الوطنية. فقد قاد الفريق إلى إنجازات مهمة، أبرزها التتويج بكأس العرش سنة 2010، ثم قيادة النادي نحو لقب كأس الاتحاد الإفريقي (الكونفدرالية) في نفس السنة، وهو إنجاز تاريخي وضع الفتح في مصاف الأندية الكبرى، ورسّخ مكانة عموتة كأحد أبرز المدربين المغاربة.


الانتقال إلى الخليج والتألق مع السد

بعد نجاحه في المغرب، تلقى الحسين عموتة عروضًا من الخليج، فانتقل إلى قطر لتدريب نادي السد. وهناك صنع التاريخ من جديد. ففي موسم 2010-2011، قاد السد للتتويج بلقب دوري أبطال آسيا، بعد مشوار صعب ومثير، ليدخل سجل الأبطال الكبار في القارة. لم يكن ذلك فحسب، بل شارك مع الفريق في كأس العالم للأندية باليابان، وحقق معه المركز الثالث بعد الفوز على نادي كاشيوا ريسول الياباني.

هذا الإنجاز الاستثنائي رفع من أسهم عموتة كمدرب عالمي، وأكد أن المغرب يملك كفاءات قادرة على مقارعة كبار المدربين في المحافل الدولية.


العودة إلى المغرب والنجاح مع الوداد

عاد الحسين عموتة مرة أخرى إلى المغرب، وهذه المرة لقيادة الوداد الرياضي البيضاوي، واحد من أكبر الأندية في إفريقيا. وفي فترة قصيرة جدًا، استطاع أن يعيد للفريق بريقه. ففي سنة 2017، قاد الوداد إلى الفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا بعد التغلب على الأهلي المصري في النهائي، وهو إنجاز دوّى صداه في القارة، وأعاد للوداد مكانته بين كبار الأندية الإفريقية.

كما قاد الفريق للتتويج بلقب الدوري المغربي، وأثبت مرة أخرى أنه مدرب من طينة الكبار، قادر على صنع الفارق أينما حل وارتحل.

تجربة المنتخب المحلي

لم تتوقف مسيرة عموتة عند حدود الأندية، بل امتدت إلى المنتخبات. حيث أسندت له مهمة تدريب المنتخب المغربي للمحليين. وهناك واصل تألقه، إذ قاد الفريق للفوز بلقب كأس أمم إفريقيا للمحليين (الشان) 2020، التي أُقيمت في الكاميرون، بعد أداء رائع، وروح جماعية مميزة. هذا الإنجاز عزز مكانته كأحد أفضل المدربين المغاربة عبر التاريخ.

الفكر التدريبي لعموتة

يتميز الحسين عموتة بفكر تدريبي عصري، يعتمد على الانضباط التكتيكي، والضغط العالي، واستغلال سرعة الأجنحة، إضافة إلى التنظيم الدفاعي المحكم. يؤمن أن الكرة الحديثة تعتمد على التفاصيل الصغيرة، وأن المباريات تُحسم بالتحضير الجيد والدراسة الدقيقة للخصوم. كما يولي أهمية كبيرة للجانب النفسي، إذ يسعى دائمًا لخلق علاقة ثقة متبادلة مع لاعبيه، ويحرص على تحفيزهم ودفعهم لتقديم أقصى ما لديهم.


إنجازات عموتة

من أبرز إنجازاته:

  • الفوز بكأس العرش المغربي مع الفتح (2010).

  • الفوز بكأس الكونفدرالية الإفريقية مع الفتح (2010).

  • الفوز بدوري أبطال آسيا مع السد (2011).

  • المركز الثالث في كأس العالم للأندية (2011).

  • الفوز بدوري أبطال إفريقيا مع الوداد (2017).

  • الفوز بالدوري المغربي مع الوداد.

  • الفوز بكأس أمم إفريقيا للمحليين مع المنتخب المغربي (2020).

شخصية عموتة وأسلوبه

الحسين عموتة شخصية هادئة، متزنة، تجمع بين الصرامة والمرونة. فهو مدرب يعرف متى يكون صارمًا، ومتى يكون قريبًا من لاعبيه كأخ وصديق. يؤمن بالعمل الجماعي، ويرفض الاعتماد على النجم الواحد. دائمًا ما يردد أن قوة الفريق تكمن في وحدته وانسجامه.

كما أنه مدرب طموح، لا يرضى بالقليل، ويسعى دائمًا لتحقيق المزيد. ورغم الإنجازات الكثيرة التي حققها، ما زال يطمح لبلوغ مستويات أعلى، وربما قيادة المنتخب المغربي الأول في المستقبل.

الإرث الكروي

اليوم، يُعتبر الحسين عموتة واحدًا من أبرز الأسماء في تاريخ التدريب المغربي والعربي. لقد جمع بين النجاح كلاعب، والتألق كمدرب، وترك بصمته في كل مكان حل فيه. إرثه الكروي لا يتمثل فقط في الألقاب التي حققها، بل أيضًا في الفكر الذي زرعه، وفي الثقة التي منحها للمدرب المغربي في الساحة العالمية.

ads2

google-playkhamsatmostaqltradent